عداء الإسلام.. فى المدارس الأمريكية





كثيرًا ما علت الأصوات فى أمريكا تطالبنا – بل تفرض علينا – بتطوير المناهج الدراسية لأبنائنا حتى تتوافق مع شعاراتهم الجديدة الخاصة باحترام التعددية الفكرية والدينية والاعتراف بالآخر وتبنى ثقافة التسامح والاعتدال..

وتبلورت دعواتهم فى ضرورة التخلى عن كل ماله علاقة بالصراعات التاريخية مثل الغزوات والحروب الصليبية والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تتحدث عن الجهاد، لكن أصحاب هذه الدعوات لم يهتموا – على الجانب الآخر – بما يقدمونه هم لأبنائهم من معلومات مغلوطة عن الإسلام والمسلمين فى المدارس لكى ينشئوا أجيالا من الكارهين للآخر.. الناقمين عليه بغير علم.
وقد شهدت ولاية فيلاديلفيا مواجهة قانونية وإعلامية بين منظمة "كير" الإسلامية الشهيرة ومعها بعض المنظمات الأخرى المدافعة عن حقوق المسلمين الأمريكيين فى جانب ومركز تعليمى تابع لأحد المعاهد الفكرية الأمريكية، التى تنتمى إلى اليمين المحافظ المتحيز على طول الخط لإسرائيل فى جانب آخر.. وذلك بسبب سلسلة كتب أصدرها هذا المركز التعليمى بعنوان "عالم الإسلام" لكثرة ما فيها من مغالطات وسموم تستهدف العقول الصغيرة.. حيث إن هذه الكتب موجهة إلى الأطفال من سن 6 إلى 10 سنوات فى المدارس والمكتبات العامة.
تحاول هذه السلسلة بكل السبل تشويه الإسلام.. وإعطاء فكرة عجيبة للأطفال مفادها أن المسلم الجيد – أو المسلم الطيب – هو من لا يتبع تعاليم دينه.. لأنه لو اتبعها وتمسك بها فسيصبح إرهابيًا.
أزمة الكتب المعادية للإسلام هذه كانت لها صدى واسع فى كل الولايات الأمريكية.. وشنت منظمة "كير" الإسلامية حملة ضدها لم تنته حتى الآن.. بينما تصدت المنظمات والمراكز الأمريكية المتطرفة لحملة "كير".. وتبنت الدفاع عن الكتب والزعم بأنها تقدم فكرة صحيحة عن الإسلام ولا تهاجمه.
تضم سلسلة "عالم الإسلام" عشرة كتب ألفها جميعًا كتاب يهود ممن يعتنقون الفكر الصهيونى المتشدد.. وتوزع هذه الكتب على تلاميذ المدارس الحكومية الأمريكية وفى المكتبات العامة.. ومتوسط عدد الصفحات كل كتاب 55 صفحة تقريبًا.. ويمكن تصنيف الكتب العشرة إلى قسمين: الأول يشمل أربعة كتب تتناول ما يسمى بـ" التطرف الإسلامي".. والعلاقات بين المسلمين واليهود قبل عام 1947م ويحاول مؤلفه إظهار أن العداوة التى يكنها المسلمون لليهود لا علاقة لها بإسرائيل وإنما هى متجذرة فى أصول العقدية الإسلامية.. والثالث يتعلق بـ"الإسلام فى أوروبا".. والرابع يختص بـ"الإسلام فى أمريكا".
أما القسم الثانى فيضم الكتب الستة المتبقية وتتناول "تاريخ الإسلام" والعالم الإسلامى و"الأعياد والاحتفالات الإسلامية" و"الانقسامات داخل الإسلام" والقانون وحقوق الإنسان وأخيرًا الديانات التوحيدية.. اليهودية والمسيحية والإسلام.
ويعد الكتاب الأول الذى يتناول ما يسمى بـ"التطرف الإسلامى" هو أكثر هذه الكتب إثارة للجدل وعنوانه "الإسلام الراديكالي" وهو من تأليف لوكسنبرج اليهودى الصهيونى.. وغلاف الكتاب نفسه يحمل دلالات كثيرة.. فقد وضعت عليه صورة للكوفية الفلسطينية المعروفة وفوقها سلاح باللون الأخضر تعبيرًا عن الحرب باسم الإسلام وأسفلها دماء تسيل باللون الأحمر.. تترشح صورة ذهنية لدى القراء من التلاميذ عن المقاومة الفلسطينية باعتبارها نموذجًا للتطرف الإسلامي.. وكثيرا ما عمد الكتاب إلى حشر الإرهاب الفلسطينى "بين سطوره".
يعرف المؤلف الفكر الإسلامى المتطرف بأنه الفكر الوهابى المعادى للحداثة.. والمعادى أيضا للأيديولوجية الأمريكية.. وقد نشأ فى السعودية.. ويسخر المؤلف فى مواضع كثيرة من العلاقات الوثيقة بين واشنطن والرياض فى الوقت الذى تنشر فيه السعودية هذا الفكر.. ويحذر من تبعات سيادة الفكر الوهابى فى السعودية التى تملك أكبر حصة من احتياطى النفط فى العالم، ولهذا يحتاج إليها الغرب.
ويعتبر المؤلف أن قيادة هذا الفكر المتطرف تتركز أساسًا فى السعودية ومصر.. إذ ينتمى لهما محمد بن عبد الوهاب، مؤسس الفكر الوهابى فى السعودية وسيد قطب، صاحب التأثير الكبير على الفكر المتطرف فى مصر.. حتى أن شقيقه محمد قطب كان أحد أساتذة أسامة بن لادن فى إحدى الجامعات بالسعودية.
ويزعم المؤلف أن القرآن الكريم لم يعد له مكان منذ ألف عام.. وأن الإسلاميين المتشددين يعتقدون أن إعادة قوة وعظمة العالم الإسلامى لن تأتى إلا بالعودة للأصول وممارسة الإسلام بالطريقة التى كان يمارسها المسلمون حين كانوا فى أوج مجدهم.. وإن كان معظم المسلمين لا يتبنون فكرة العودة للأصول.
وفى كتاب "الديانات التوحيدية: اليهودية والمسيحية والإسلام" يحاول مؤلفه "آبا.أم.كوهين" أن يبرز الاختلافات بين الديانات الثلاث حول مسألة فداء إبراهيم عليه السلام بابنه.. حيث يقول اليهود والمسيحيون إن الابن هو إسحاق، بينما يقول المسلمون إنه إسماعيل.. ويركز على أن هذه النقطة تحديدًا مهمة للغاية لأن اليهود يبنون على أساسها أنهم شعب الله المختار طالما أبقوا على عهدهم مع الله، فيما يؤمن المسلمون بأن عهدهم مع الله يتوقف على إيمانهم وليس على سلالتهم أو نسبهم العرقى بعكس اليهود.
أما كتاب "الإسلام فى أمريكا" فيتناول الهجرات الأولى للمسلمين إلى أمريكا حيث سار المسلمون العرب على خطى مسيحيى الشرق الذين عادوا أثرياء إلى بلادهم.. وتقول المؤلفة "آنا ميلمان" الأمريكية الإسرائيلية، إن كثيرًا من المسلمين هجروا دينهم وذابت هويتهم بل وتحولوا إلى المسيحية حتى يسهل عليهم الاندماج فى المجتمع الأمريكى الذى لم يرحب بهم.. فهم غرباء عليه وسيظلون غرباء طالما ظنوا أن بإمكانهم التمسك بدينهم والفوز فى الوقت ذاته بالحياة فى أمريكا.
وتشير المؤلفة إلى أن نسبة قليلة من مسلمى أمريكا لهم نشاط متطرف.. وترجع ذلك إلى من تصفهم بالأئمة المستوردين من الخارج خاصة من جامعة الأزهر والسعودية.. وذلك على أساس أن هؤلاء الأئمة يتحدثون الإنجليزية بطلاقة فى بعض الأحيان وهم معارضون للقيم الغربية، وبالتالى يؤثرون على المسلمين الأمريكيين باعتبارهم قادة دينيين حتى لو لم يشترك معهم المسلمون الأمريكيون فى قيمهم.
وهكذا يستعرض فى ذهن التلميذ الأمريكى أن جاره المسلم الأمريكى سيظل غريبًا عنه.. وأنه خطر عليه ودينه خطر.. وحتى الشيخ والإمام الذى يزورهم من مصر أو السعودية يمثل فى الواقع خطرًا على الأمن القومى الأمريكى.. ويا لها دعاية سوداء مغرضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مؤمن الهباء (المصريون)
تحت اشراف الاستاذه/منال محمود محمد الصغير

0 التعليقات

شارك بتعليقك

الصفحة الرئيسية | حقوق القالب ل سامبلكس | مع تحيات ورود الحق